اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جــــــــــواز استئجـــــــــــــــــار المـــــــــرأة للــــــــــزنا
الكتاب: المبسوط
المؤلف: محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي
(المتوفى: 483هـ)
الناشر: دار المعرفة - بيروت
الطبعة: بدون طبعة
تاريخ النشر: 1414هـ - 1993م
عدد الأجزاء: 30
[اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا فَزَنَى بِهَا]
(قَالَ) رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا فَزَنَى بِهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: عَلَيْهِمَا الْحَدُّ لِتَحَقُّقِ فِعْلِ الزِّنَا مِنْهُمَا، فَإِنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَيْسَ بِطَرِيقٍ لِاسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ شَرْعًا فَكَانَ لَغْوًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ أَوْ الْخَبْزِ ثُمَّ زَنَى بِهَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْجَارِ مَنْفَعَةٌ لَهَا حُكْمُ الْمَالِيَّةِ وَالْمُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ الْعِتْقِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا وَالْعَقْدُ بِدُونِ مَحَلِّهِ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا، فَإِذَا لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ كَانَ هُوَ وَالْإِذْنُ سَوَاءً.
وَلَوْ زَنَى بِهَا بِإِذْنِهَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - احْتَجَّ بِحَدِيثَيْنِ ذَكَرَهُمَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدُهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً اسْتَسْقَتْ رَاعِيًا فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهَا حَتَّى تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَدَرَأَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَدَّ عَنْهُمَا، وَالثَّانِي أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَجُلًا مَالًا فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا حَتَّى تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَدَرَأَ الْحَدَّ وَقَالَ: هَذَا مَهْرٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا دَرَأَ الْحَدَّ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُضْطَرَّةً تَخَافُ الْهَلَاكَ مِنْ الْعَطَشِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا إذَا كَانَتْ سَائِلَةً مَالًا كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ عَلَّلَ فَقَالَ إنَّ هَذَا مَهْرٌ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْمَهْرَ وَالْأَجْرَ يَتَقَارَبَانِ قَالَ تَعَالَى {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}